أعطت الحكومة الإسبانية، الضوء الأخضر لتعديل الاعتراف المتبادل برخص السياقة مع المغرب، وهو ما يلغي الحاجة إلى إجراء اختبار نظري من قبل المهنيين المغاربة، كما أحالت القرار إلى البرلمان للموافقة عليه بشكل نهائي، وذلك في سياق مساعيها لاستقدام 26 ألف سائق مغربي من أجل تغطية الخصاص الذي تعانيه على مستوى سائقي الشاحنات.
وأقر مجلس الوزراء، أمس الثلاثاء، أن إسبانيا ملتزمة بتبادل المذكرات التي يتم بموجبها تعديل هذه الاتفاقية الثنائية بين البلدين والتي تقتضي الاعتراف المتبادل وتبادل رخص القيادة الوطنية، وذلك بعدما كان مجلس الوزراء قد وافق بالفعل في 6 فبراير على توقيع المذكرات المتبادلة التي تشكل هذه الاتفاقية، والتي جرت في مدريد يومي 29 فبراير و6 مارس 2024، والتي حددت أن هذا التعديل تم تطبيقه مؤقتًا منذ 7 ابريل الماضي.
ففي فبراير 2019، اقترحت المديرية العامة للمرور تعديل النقطة 4 من الاتفاقية بين إسبانيا والمغرب بشأن الاعتراف المتبادل وتبادل رخص السياقة الوطنية التي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها في 8 مارس 2024، وتنص على الحاجة إلى إجراء اختبار نظري محدد للسائقين المهنيين المغاربة الذين يطلبون استبدال رخصة السياقة الخاصة بهم.
وعلى الرغم من أن المغرب، هو البلد الرئيسي غير الأوروبي الذي يصدر السائقين المهنيين الذين يعملون في شركات النقل الإسبانية، بنسبة تزيد على 25%، إلا أن صدور القرار تسبب في جدل كبير في إسبانيا قاده المهنيون وبعض الأحزاب المعارضة التي فهمت بأن الاتفاقية الجديدة الموقعة بين إسبانيا والمغرب تتيح للمغاربة قيادة الشاحنات أو الحافلات مباشرة في إسبانيا دون الحاجة إلى إجراء أي اختبار للتحقق من صحة حقوقهم، وهو ما نفته قطعا المديرية الإسبانية العامة للمرور، مشدّدة في بلاغها على أنه ومن أجل استبدال رخص السياقة للسائقين المهنيين المتحصل عليها في المغرب، فإنهم بحاجة إلى إجراء امتحان عملي في إسبانيا، من أجل التحقق من صحتها.
وبهذا القرار الجديد الذي اتخذته الحكومة الإسبانية، لن يكون من الضروري إجراء الامتحانات النظرية والعملية، باستثناء السائقين المغاربة الذين يطلبون استبدال رخص السياقة المعادلة للرخص الإسبانية في الصفوف C وC+E وD وD+E، الذين يجب عليهم إجراء تعميم على الطرق المفتوحة أمام حركة المرور العامة باستخدام مركبة أو مجموعة من المركبات المصرح بقيادتها بموجب التصاريح المذكورة.
وهذا التحقق التلقائي منصوص عليه حاليًا بالنسبة للقوانين الجاري بها العمل في الجارة الشمالية، فقط في حالة رخص القيادة التي تم الحصول عليها في أي من دول الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، ولكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للاتفاقيات الثنائية الثلاثين المتبقية التي وقعتها إسبانيا مع دول أخرى، خاصة في أمريكا الجنوبية وشمال أفريقيا، والتي من الضروري فيها إجراء اختبارات كفاءة إضافية لتكون قادرة على إجراء التبادل للحصول على التصريح الإسباني.
وبهذا المعنى، أوضحت المديرية الاسبانية العامة للمرور في وقت سابق، أن مثل هذا التحقق التلقائي غير موجود، وأن الشيء الوحيد الذي تم الاتفاق عليه مع المغرب هو الإعفاء من الامتحان النظري، في حين لا يزال إجراء اختبارات السياقة العملية في إسبانيا إلزاميا لتتمكن من تبادل الرخصة المهنية المغربية، وبالتالي معادلتها بالتنظيم الوارد في بقية الاتفاقيات الموقعة مع دول ثالثة.
ونشرت الجريدة الرسمية الإسبانية، في 28 مارس 2024، مذكرة لوزارة الخارجية بشأن تعديل الاتفاقية، يتم بموجبها الاعتراف المتبادل بالبطائق المهنية للسائقين واعتماد رخص السياقة الخاصة بهم دون الحاجة لإجراء الامتحانات النظرية أو التطبيقية، وهو ما يشمل السائقين الذين سيتقدمون للحصول على رخص سياقة بمقطورة أو التي تحمل أوزانا غير محددة، ويعني ذلك ملاءمة الرخص المغربية مع الرخص الإسبانية من صنف C وC+E وD وD+E، الذين سيكون عليهم إجراء اختبار القيادة على الطريق المفتوحة، بعدما كان عليهم في السابق طلب تقديم طلب اعتماد رخصهم من خلال إجراء تكوينات وامتحانات نظرية وتطبيقية.
وأوضحت الحكومة الإسبانية أن الهدف من هذا التعديل هو الحد من التحديات القائمة في قطاع النقل عبر الشاحنات، الذي يعاني من خصاص في السائقين المؤهلين، مبرزة أنها بذلك تستجيب لطلب ممثلي الشركات المحلية الفاعلة في مجال النقل البري، بما يشمل نقل الركاب ونقل البضائع.
وكانت الحكومة الإسبانية قد شرعت في إجراءات تعديل القوانين المتعلقة بعمل المهنيين الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي في قطاع النقل، مباشرة بعد عودة بيدرو سانشيز من المغرب، حيث التقى في الرباط بالملك محمد السادس، ووفق وسائل الإعلام الإسبانية فإنه منذ ذلك التاريخ شرعت الحكومتان في التنسيق من أجل استقدام السائقين المغاربة إلى إسبانيا.
وفي بداية مارس الماضي، سافر وزير النقل والتنقل المستدام الإسباني، أوسكار بوينتي، إلى المغرب، حيث التقى بوزير النقل واللوجيستيك محمد عبد الجليل، وكان هذا الملف من بين القضايا المثارة بينهما بعد مطالب الجمعيات وأرباب شركات النقل عبر الشاحنات والحافلات.
ويُنتظر أن يصل إلى إسبانيا، خلال الأسابيع المقبلة، 6000 سائق مهني مغربي للشروع في العمل بعد إتمام الإجراءات المطلوبة، كدفعة أولى، في حين تصل تقديرات الحكومة الإسبانية بخصوص النقص الحاصل في القطاع إلى 26 ألف منصب، ويعني ذلك توقف إسبانيا عن جلب سائقين من دول أوروبية أخرى تدريجيا، بحكم القرب الجغرافي من المغرب.
وكان سائقو الشاحنات والحافلات المغاربة في السابق، يُشترط عليهم إجراء امتحانات نظرية وتطبيقية في إسبانيا من أجل الحصول على رخصة (C) أو رخصة (C+E) الاسبانيتين، حيث أن الأولى خاصة بسياقة الحافلات والشاحنات من مركبة واحدة، والثانية تتعلق بالشاحنات والمقطورات، ولم يكن بإمكانهم العمل بالرخص المغربية فقط، وهو الأمر الذي تغير الآن، بسحب الامتحان النظري والاكتفاء بالتطبيقي لحيازة الرقصة المطابقة للمعايير الجاري بها العمل في الجارة الشمالية.
هذا، وبالرغم من أن أصحاب الشركات العاملة في المغرب، تخشى أن يكون لهذا القرار تداعيات عليهم، تتمثل في قيام السائقين بتغيير الوجهة للعمل في إسبانيا بدل المغرب، إلا أنه من جانب آخر يُعتقد أن يلعب القرار دورا في تحسين ظروف السائقين المهنيين المغاربة، في ظل وجود منافسة بين الشركات في استقطاب هذه الفئة من العمال.